الأصلُ الخامسُ والثلاثون : طرق معرفة صفاته سبحانه
لقد أسلفنا في بحث المعرفة أنّ أبرز طرق المعرفة بالحقائق تتمثّل في : الحسّ ، والعقل ، والوحي.
ويمكن لمعرفة الصفات الإلهيّة الجمالية والجلاليّة الاستفادة من الطريقين التاليين :
١ ـ طريق العقل : فإنّ التأمّل في عالم الخَلق ، ودراسة الأسرار الكامنة فيه والتي تدل برمّتها على أنّها مخلوقة لله ، تقودنا إلى كمالات الله الوجودية ، فهل يمكن أن يتصوّر أحدٌ أنّ بناء الكَون الشاهق قد تمّ من دون عِلمٍ وقدرةٍ واختيارٍ.
إنّ القرآن الكريم يدعو ـ تأْييداً لحكم العقل في هذا المجال ـ بالتدبّر في الآيات التكوينية في صعيد الآفاق والأنفس إذ يقول : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١).
أي انظُروا نظرة تدبّر وتأمل لتكتشفوا الحقائق العظيمة.
على أَنّ من البديهيّ أنّ العقلَ يسلك هذا الطريق بمعونة الحسّ ، أي أنّ الحس يبدأ أوّلاً باكتشاف وإدراك الموضوع بصورةٍ عجيبةٍ ، ثمّ يعتبر العقل عظمة الموضوع ، وتكوينه العجيب ، دليلاً على عظمة الخالق وجماله.
٢ ـ طريق الوحي : فبعد أن أثبتت الأدلةُ القاطعةُ النبوّةَ والوحيَ ،
__________________
(١). يونس / ١٠١.