الأصلُ التسعون : تعيين الخليفة أصل متفق عليه
إنّ مَسألة تَنْصِيصيَّة مقام الخلافة ، وأنّه ليس للأُمّة أيُّ خيار ولا أيّ دورٍ في تعيين خليفةٍ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في ذِهن الصَّحابة أيضاً. نعم كان في نظرهم هو أن ينصَّ الخليفةُ السابقُ على الخليفة اللّاحِق بدل نَصّ اللهِ ونبيّه ، ولهذا نرى ـ كما هو من مسلّمات التاريخ الإسلاميّ ـ أنّ الخليفةَ الثاني تمّ تعيينهُ ونصبهُ في منصب الخلافةِ بِنصٍ من الخليفةِ الأوّل.
إنّ تصوّر أن تعيينَ الخَلِيفَة الثاني بواسطة أبي بكر لم يَكنْ قراراً قطعيّاً ، بل كان من بابِ «الاقتراح» ، يخالف ما ثبت من التاريخ ، فإنّ الخليفة الأوّل كان لا يزال على قيد الحياة عند ما اعترَض جماعةٌ من الصحابة على هذا التعيين والنصب ، وكان «الزبير بن العوام» أحد أُولئك المعترضين على أبي بكر في هذا التعيين ، والنصب. (١) وإنّ من البديهيّ أنّه لو كانَ تعيينُ أبي بكر لِعُمر بن الخطاب مِن باب مجرّد الاقتراح والترشيح حسب ، لما كان لاعتراض الصحابة عليه أيّ مجالٍ ولا مبرّر.
هذا مضافاً إلى أنّ الخليفة الثالث هو الآخر تمّ تعيينُهُ عن طريق شورى تألَّفَتْ من (٦) أشخاص عيَّنهُمُ الخليفةُ الثاني ، وكانَ هذا نوعاً مِن تعيين الخليفة الّذي مَنَع الآخرين من مراجعة الرأي العامّ.
على أنّ فكرةَ مراجَعة الرأي العامّ ، واختيار الخليفة بواسطة الناس لم يَدُرْ في خَلَدِ أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أساساً ، وما ذُكِرَ في هذا الصعيد فيما
__________________
(١). الإمامة والسياسة : ١ / ٢٤ ـ ٢٥.