فإنّ من يشاهد هذا المنظر سيحدّث نفسه قائلاً : وما قيمة هذه الحياة الدنيا التي سرعان ما تنتهي ، وتكون مآلُها موت الإنسان ورقوده تحت التراب.
هل يستحق العيش في مثل هذه الدنيا الفانية أن يقوم فيها الإنسانُ من أجله بأعمالٍ ظالمة ، وممارسات فاسدةٍ؟
إنّ هذا التساؤل الذي يواجهه ضميرُ الإنسان المفكّر في مصير البشر ، سيدفع به إلى إعادة النظر في سلوكه وممارساته ، وسيؤدِّي ذلك إلى حصول تحوّلٍ كبيرٍ في روحه ونفسه.
وقد أشارَ رسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذا الأثر الهامّ ، إذ قال في حديث شريف : «زُورُوا القبورَ فإنّها تذَكِّرُكُم بِالآخِرَةِ» (١).
ثمّ إنّه مُضافاً إلى هذا تُعتبر زيارةُ مراقد أئمة الدين وقادته نوعاً من الترويج للقيم الدينيّة ، والمعنويّة ، كما أنّ اعتناءَ الناس بمراقد أُولئك الشخصيّات سيُقوّي لديهم الفكرة التالية ، وهي أنّ الحالة المعنوية التي كانت تلك الشخصيات تتمتّع بها هي التي جذبت قلوب الناس إليهم ، وهي التي رفعتهم إلى تلك المنزلة العظيمة التي حازوا بها احترام الناس وتكريمهم لهم ، إذ رُبّ رجال من أصحاب السلطان والقوّة يرقدون تحت التراب دون أن يحظوا بمثل هذه العناية والاحترام من قِبَل الناس.
ولقد كانَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يذهبُ في أُخريات حياته إلى البقيع ،
__________________
(١). سنن ابن ماجة ج ١ ، باب ما جاء في زيارة القبور ، ص ١١٣.