لِيعلِّمِوا البَشريّة النهجَ الصحيحَ للحياة.
إنَّ الّذين يَتصوَّرون أنّ في مقدور «الهدايات العقليّة» أنّ تحلَّ محلّ «الهدايات الإلهيّة السّماويّة» يجب أن يدركوا أمرين :
١ ـ إنّ العَقل والعلم البشريّين قاصران عن المعرفة الكاملة بالإنسان ، وبمسيره في صعيد الماضي والمستقبل ، في حين يعلم خالقُ البشر ـ بحكم كون كلّ صانع عارفاً بمصنوعه ـ بالإنسان ، ومحيطٌ بأبعاده ، وأسرار وجوده ، إحاطةً كاملةً.
٢ ـ إنّ الإنسان بمقتضى غريزة حبّ الذات المودَعة في كيانه ، يحاول ـ عِلماً أو جهلاً ـ أن يُتابعَ منافِعَه الشخصيّة ويهتمّ بها ، فيعجز ـ في تخطيطه وبرمجته ـ عن الخروج من دائرة منافعه الفرديّة أو الجماعية بشكلٍ كاملٍ.
ولهذا من الطبيعي أن لا تتسم البرامج البشرية بالجامعيّة والشموليّة الكاملة ، ولكن برامج الأنبياء والمرسلين لكونها من جانب الله العالم ، المحيط ، الحق ، المنزّه ، مبرّأةٌ عن مِثل هذه النقيصة.
وبملاحظة هاتين النقطتين يمكن القولُ ـ على وَجه القطع واليقين ـ : بأنّ البشر ليس في غنىً قط عن الهدايات الإلهيّة ، وعن برامج الأنبياء ، لا في الماضي ، ولا في المستقبل إنما هو في حاجةٍ مستمرةٍ إليها.