إنّ عصمة الأنبياء عن المعصية أمر قد أكّده القرآنُ الكريمُ في آيات مختلفة نورد هنا بعضها :
ألف : إنّ القرآن الكريم يعتبر الأنبياءَ أشخاصاً مهدِيّين ومختارين من قِبل الله تعالى إذ قال : (وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١).
ب : إنَّ القرآنَ الكريمَ يذكِّر بأنّ الذي يهديه الله لا يقدر أحد على إضلاله إذ يقول : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ) (٢).
ج : يعتبر المعصية ضَلالاً إذ يقول : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) (٣).
فيستفاد من مجموعة هذه الآيات أنّ الأنبياء معصومون من كلّ أنواع الضلال ، ومصونون من كل ألوان المعصية.
إنّ البُرهانَ العَقليّ الذي أقمناه فيما سبق على عِصمة الأنبياء يدلّ على عصمتهم قبل البعثة أيضاً ، لأنّ الإنسان الذي صَرَفَ رَدْحاً من عمره في الذنب والمعصية ، ثمّ حَمَلَ لواءَ الهداية والإرشاد لم يتمكّن من الحصول على ثقة النّاس به ، وسكونهم إلى أقواله ، بخلاف من عاش قَبلَ بعثته نقيَّ الجيب ، طاهِرَ الذيل ، فإنّه قادرٌ على جَلب ثقة الناس ، وكسب تأييدهم له.
هذا مضافاً إلى أنّ في مقدور معارضي الرسالة ، أن يغتالوا بسهولة
__________________
(١). الأنعام / ٨٧.
(٢). الزمر / ٣٧.
(٣). يس / ٦٢.