ه : إنّ القرآنَ الكريم أخبر عن طائفة من الحوادث والوقائع المستقبلية إخباراً قطعيّاً ، وقد وقعت تلك الوقائع والحوادث فيما بعد بصورةٍ دقيقةٍ ، ولهذا النمط من الإخبارات نماذج عديدة ، وكثيرة إلّا أنّنا نشير إلى واحدة منها هنا على سبيل المثال :
يَوم غَلَبَ الساسانيون عُبّادُ النار على الرُّوم الموحّدين تفاءَلَ المشركونَ العرب بهذا الحَدَث وقالوا سننتصر نحن على موحِّدي الجزيرة العربية (المسلمين) أيضاً ، وعند ذاك أَخبر القرآنُ الكريمُ بانتصار الرُّوم على الفُرس :
(غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (١).
ولم تمض بضع سنوات إلّا وتحقّقت النبوءةُ المذكورة ، وانتصر كلا الفريقين المؤمنين (الرّوم المسيحيّون ومسلمو الجزيرة العربية) على أعدائهم (الساسانيين ومشركي قريش).
ولهذه الناحية تحدّثَ القرآن في ذيل الآية عن سرور المؤمنين إذ قال : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ).
لأنّ كلا الانتصارين حدثا في وقتٍ واحدٍ.
و : إنّ القرآنَ الكريمَ تَحدَّثَ عن حياة الأنبياء وأُممهم السابقة في سورٍ مختلفةٍ بتعابيرَ مختلفةٍ.
__________________
(١). الروم / ٢ ـ ٤.