نعم عند ما بدأَ النبيُّ الأكرمُ دعوَته كان طبيعيّاً أنْ ينذِرَ قومَه في المرحلةِ الأُولى ، ويوجّه خِطابه إلى قومِهِ لينذرَ قوماً لم يُنذَرُوا مِن قَبل :
(لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) (١).
ولكنَّ هذا لم يكن ليعني أنَّ مجالَ رسالته محدودٌ بجماعةٍ خاصةٍ ، وإرشادِ قومٍ خاصّين.
ولهذا السبب نرى القرآنَ ـ أحياناً ـ في الوقت الذي يوجّه دعوته إلى جماعة خاصّة ، يعمد فوراً إلى اعتبار دعوته تلك حجةً على كلّ الذين يمكن أن تبلغَهُمْ دعوتُه. إذ يقول : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (٢).
إنّ مِنَ البديهيّ أنّ على الأَنبياء أنْ يَبدءوا أقوامَهم في البداية سواء أكانت دعوتهم عالميّة ، أم محلِّية.
وهذا هو القرآنُ الكريم يُذَكّرُ بهذه الحقيقة :
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (٣).
__________________
(١). السجدة / ٣.
(٢). الأنعام / ١٩.
(٣). إبراهيم / ٤.