ولقد كرّر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم العبارة الأخيرة ثلاثَ مرّات ، ولم يقمْ في كلّ تلك المرّات إلّا الإمامُ علي عليهالسلام ، الّذي أعلَنَ عن استعدادِهِ في كلّ مرّة لمؤازرةِ النَّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونُصْرته ، وفي المرّة الثالِثة قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنَّ هذا أخِي وَوَصيِّي وخَلِيفَتِي فِيكُمْ فَاسمَعوا لَه وأطيعُوا» (١).
٢. حَدِيثُ المَنْزِلَةِ
لَقد اعتبر النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منزلةَ «عليّ عليهالسلام» منه على غرارِ منزلةِ هارون من موسى عليهماالسلام ، ولم يستثنِ من منازِلِ ومراتبِ هارون من موسى إلّا النبوّة حيث قال : «يا عليّ أما ترضى أن تكونَ مِنّي بمنزلةِ هارونَ من مُوسى إلّا أنّه لا نبيَّ بعدي» (٢) وهذا النفي والسلب هو في الحقيقة من بابِ «السالبة بانتفاءِ الموضوعِ». اذ لم تكن بعد رسولِ الله الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم نبوّةٌ حتى يكونَ عليٌ نبيّاً من بعده إذ بنُبُوّة رسولِ الإسلام خُتمت النبوّات ، وبِشريعتِهِ خُتِمت الشّرائِع.
ولقد كانَ لِهارون ـ بنَصّ القرآنِ الكريمِ ـ مقامُ «النبوّة» (٣) و «الخلافة» (٤)
__________________
(١). مسند أحمد : ١ / ١٥٩ ؛ تاريخ الطبري : ٢ / ٤٠٦ ؛ تفسير الطبري (جامع البيان) : ١٩ / ٧٤ ـ ٧٥ ، تفسير الشعراء ، الآية ٢١٤.
(٢). صحيح البخاري : ٦ / ٣ طبع ١٣١٢ ه ، باب غزوة تبوك ؛ صحيح مسلم : ٧ / ١٢٠ ، باب فضائل الإمام علي عليهالسلام ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٥٥ باب فضائل أصحاب النبي ؛ مسند الامام أحمد : ١ / ١٧٣ ، ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٧٩ ، ١٨٢ ، ١٨٥ و ٢٣٠ ؛ والسيرة النبوية لابن هشام : ٤ / ١٦٣ (غزوة تبوك).
(٣). (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) (مريم / ٥٣).
(٤). (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) (الأعراف / ١٤٢).