العقلية والنقلية.
وفي الحقيقة لا بدّ أن يُقال : إنّ القائلين بالتناسخ حيث إنّهم لم يتمكّنوا مِن تصوّر «المعاد» بصورته الصحيحة أَحلُّوا «التناسخَ» محلَّه ، واعتقدوا به ، بَدَلَ الاعتقاد بالمعاد.
إنّ التناسخَ في المنطق الإسلاميّ يستلزم الكفرَ ، ولقد بُحِثَ في كتبنا الاعتقادية وأُثبِتَ بطلانه ، وعدم انسجامه مع العقائد الإسلاميّة بشكلٍ مفصَّلٍ ، ونحن نشير هنا إلى ذلك باختصار :
١. إنّ النَّفس والرّوحَ البشرية تكون قد بلغت عند الموت مرتبة من الكمال.
وعلى هذا الأساس فإنّ تعلُّق الروح المجدّد بالجنين بحكمِ لُزُوم التناسقِ والانسجامِ بين «النَّفْسِ» و «البَدَن» يستلزمُ تنزُّل النَّفْسِ من مرحلة الكمال إلى مرحلة النقص ، والفعليَّة إلى القُوّةِ ، وهو يتنافى مع السُنّة الحاكمة على عالم الخَلقِ (المتمثّلة في السّير التكامليّ للموجوداتِ من القوّة إلى الفعل).
٢. إذا قَبلنا بأن النفس تتعلّق بعد الانفصال من البَدَن ، ببدنِ حيٍّ آخر ، فإنَّ هذا يستلزمُ تعلّق نفسين ببدنٍ واحد ، ونتيجته هي الازدواجيّة في الشخصيّة ، ومثلُ هذا المطلبِ يتنافى مع الإدراك الوجداني للإنسان عن نفسه التي لا تمتلك إلّا شخصيّةً واحدةً لا شخصيّتين. (١)
__________________
(١). كشف المراد للعلامة الحلّي المقصد الثاني ، الفصل الرابع المسألة الثامنة ، والأسفار صدر المتألّهين : ٩ / ١٠.