ويُستفاد من الآيات السابقة أنَّ أعمالَ الإنسان القبيحة ، لا تُزيل أعمالهُ الصالحة ولا تقضي عليها ، ولكن يجب أنْ نعلم في نفس الوقت أنّ الذين يرتكبون بعضَ الذنوب الخاصّة كالكُفر والشرك ، أو يَسلكون سبيل الارتداد سيُصابون بالحَبط ، أيْ أنّ أعمالَهم الصّالِحة تُحبط وتهلَكَ ، ويَلقون في الآخرة عَذاباً أبديّاً كما يَقول سبحانه :
(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١).
ونظراً إلى ما قلناه فإنّ كلَّ إنسانٍ مؤمنٍ سيَرى ثوابَ أعماله الصّالِحَة في الآخرة خيراً كانت أو شراً ، إلّا إذا ارتدّ ، أو كَفَرَ ، أو أشرَكَ ، فإنّ ذلك سيأتي على أعماله الصالِحَة ويقضي عليها ـ كما دَلّ على ذلكَ الكتابُ والسنّةُ ـ.
وفي الختام لا بُدَّ من التذكير بالنقطة التالية وهي : أَنّ اللهَ سبحانه وتعالى وإنْ وَعَدَ المؤمِنين بالثواب على أعمالِهم الصالِحة ، وفي المقابل أوعد على الأعمال السيئة ، ولكن «الوعدَ» و «الوَعيد» هذين يختلف أحدُهما عن الآخر ـ في نظر العقل ـ لأنّ العَملَ بالوعد أصلٌ عقلي ، والتخلّفَ عنه قبيح ، لأنّ في التخلّف عنه تضييعاً لِحقّ الآخرين ، وإن كانَ هذا الحقّ مما أوجبَهُ الواعدُ ، نفسُه على نفسه ، وهذا بخلاف الوعيد فهو حق للمُوعِد وله الصفح عن حقه والإعراض عنه ولهذا لا مانعَ مِن أن تستر بعضُ الأعمالِ الصالِحة الحسنة قباحةَ بعض الأعمال السيئة وهو ما
__________________
(١). البقرة / ٢١٧.