فكل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعاشوا معه ، وصَحِبُوه محترمون ، ولا يجوز لمسلمٍ في العالم أن يسيء إلى صحابة رسولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (من جهة كونهم صحابةً للنبيّ) أو يؤذيهم ، ونِسبة مثل هذا الموقف إلى فريق من المسلمين نسبةٌ ظالمةٌ وافتراءٌ مرفوض.
ولكن إلى جانبِ هذه المسألة ثمّت مسألةٌ أُخرى يجب دراستها من دون تعصّب أو حبّ وبُغض غير مُبرَّرَين ، وهي : هل أن جميع صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عدولٌ وأتقياء ، ومنزَّهون عن الذنوب ، أو أنّ حكمَ الصحابة في هذه النقطة هو عين حكم التابعين الذين لا يمكن ان نعتبر جميعهم عدولاً أتقياء.
إنّ من البديهيِّ أنَّ مرافقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورؤيته وان كانت مبعث فخرٍ واعتزاز لمن يرافقه ويراه إلّا أنّ كل هذه الأُمور لا توجب المصونية لهم من الذنوب ، ولا الحصانة من المعاصي ، ولا يمكن النظر إلى جميع الصحابة بنظرة واحدة ومساوية ، واعتبارهم جميعاً عدولاً أتقياء ، مبرَّئين عن كلّ زَلَلٍ وخطل ، ذلك لأنّهم ـ بشهادة القرآن ـ من حيث الإيمان والنّفاق ، ومن حيث الطاعة والعِصيان ، والتسليم وعدم التسليم أمامَ الله ونبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم على أصناف مختلفة ، وفي هذا التصنيف لا يمكن اعتبارهم جميعاً في مرتبةٍ واحدةٍ ، ولا اعتبارهم جميعاً عدولاً أتقياء.
إنّه ممّا لا شكَّ فيه أنّ القرآن الكريم مدح أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مواقع مختلِفة (١) ، وللمثال قد ذَكَرَ القرآنُ أنّ اللهَ رضى عن الّذين بايَعوا
__________________
(١). لاحظ سورة التوبة / ١٠٠ ، وسورة الفتح / ١٨ و ٢٩ ، وسورة الحشر / ٨ و ٩.