والإلهامُ ليس مخصوصاً بالأَنبياء ، فقد كان في طول التاريخ من الشخصيات المقدَّسة مَن كان يحظى بهذا الإلهام ، مع أنّهم لم يَكونوا أنبياء ، وقد كانت تلقى إليهم بعضُ الأسرار من عالم الغيب ، وقد أشار القرآنُ الكريمُ إلى ذلك عند ما تَحدَّثَ عن مرافق النبيّ موسى (خضر) الّذي علّم موسى بعضَ الأشياء فقال :
(آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (١).
كما وأنّه قال في شأن شخصٍ من حاشية النبيّ سليمان عليهالسلام (وهو آصف بن برخيا) قال :
(قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) (٢).
إنّ هؤلاء الأشخاص لم يَتَعلَّموا علومَهم ، ولم يَكتسبُوا مَعلوماتهم من طريق التعلّم ، بل هو كما يُعَبّرُ عنه القرآنُ عِلْمٌ لَدُنّيٌّ : (عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً).
وعلى هذا الأساس لا يكونُ عدم كون الشخص نبيّاً ، مانِعاً من أن يحظى بالإِلهام الإلهيّ ، كما يحظى بعضُ الأشخاص من ذوي الدَرَجات المعنويّة الرفِيعَة بالإلْهامِ الإلهيّ.
وقد أُطلق على هذا النَّمَط من الأشخاص في أحاديث الفريقين وصف «المُحدَّث» يعني الّذين تَتَحَدّثُ معهم الملائكةُ من دون أن
__________________
(١). الكهف / ٦٥.
(٢). النمل / ٤٠.