وأساساً : «الغنيمةُ» في مقابل «الغرامة» فكلّما حُكمَ على الشخص بأن يدفَعَ مبلغاً من دون أن يستفيدَ من شيء سُمّيَ ذلك المبلغ «غرامة» ، وإذا فاز بشيء وحَصَل عليه سمّي ذلك «غنيمة».
وعلى هذا الأساس لا تختصُّ لفظة الغنيمة بغنائم الحرب ، ونزولُ الآية في غنيمة معركة «بدر» لا يَدلُّ على اختصاصها بغنيمة الحرب ، وقانون تخميس الأرباح قانون شاملٌ وكاملٌ ، ومورد الآية غير مخصّص لهذا لحكمِ العامّ.
وثانياً : لقد وَرَدَ في بعض الروايات أنّ النبيَّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم فرض «الخمسَ» على كلّ ربح ، فعند ما حضر عنده وفدٌ من قبيلة عبد القيس وقالوا : إنّ بينَنا وبينَك المشركين ، وإنّا لا نصل إليك إلّا في الأشهر الحُرُم فمرنا بجُمل الأمر ، إن عَمِلنا به دخلنا الجنة وندعو إليه مَن وَراءنا؟
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «آمُرُكم بأربع : وأنهاكُمْ بأربع : شهادة أن لا إله إلّا الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزكاة وتعطوا الخمس من المغنم» (١).
إنّ المراد من الغنيمة في هذه الرواية ، غير غنيمة القتالِ لأنّ وفد عبد القيس قالوا : إنّ بيننا وبينكَ : المشركين ، يعني انّنا نخاف أن نصل إليك في المدينة لوجود المشركين بيننا وبينك ، وهذا يفيد أنهم كانوا محاصَرين من قِبَل الكفّار والمشركين ولم يكن في مقدورهم مقاتلة المشركين حتى يحصلوا على غَنيمة منهم ، ثمّ يقوموا بتخميسها.
__________________
(١). صحيح البخاري ، ج ٢ ص ٢٥٠.