كلُّه وقدرةٌ كلّهُ وحياةٌ كلهُ ...
وعلى هذا الأساس فإنّ الصفاتِ الذاتية للهِ تعالى ، مع كونها قديمةً وأزليةً فهي في نفس الوقت عين ذاته سبحانه لا غيرها.
وأمّا ما يقولهُ فريقٌ من أنّ الصفات الإلهية قديمةٌ وأزليةٌ ولكنها زائدةٌ على الذات غير صحيح ، لأنّ هذه النظرة تنبع ـ في الحقيقة ـ من تشبيه صفات الله بصفات الإنسان وحيث إنّ صفاتِ الإنسان زائدةٌ على ذاته فقَد تصوَّروا أنّها بالنسبة إلى الله كذلك.
يقول الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : «لم يَزلِ اللهُ ـ جلّ وعزّ ـ ربُّنا والعلمُ ذاتُه ولا معلومَ ، والسمعُ ذاتُه ولا مسموعَ ، والبَصَرُ ذاتُه ولا مُبْصَرَ ، والقدرةُ ذاتُه ولا مقدورَ» (١).
ويقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : «وكمالُ الإخلاصِ له نفي الصفاتِ عنه ، لشهادة كلِّ صفَةٍ أنها غيرُ الموصوف ، وشهادةِ كلّ موصوفٍ أنّه غير الصفة» (٢). (٣)
__________________
(١). التوحيد ، للصدوق ، ص ١٣٩ الباب ٢١١ ، الحديث ١.
(٢). نهج البلاغة ، الخطبة ١.
(٣). سمّى بعض من لا إلمامَ له بالمسائل الكلاميّة هذه النظرية بالتعطيل والمعتقدينَ بها بالمعطلة ، في حين أنّ المعطّلة إنما يُطلَقُ على من لا يُثبت الصفات الجمالية للذات الإلهيّة ، ويستلزم موقفُهم هذا خلوَّ الذات الإلهيّة من الكمالات الوجودية ، وهذه العقيدة الخاطئة لا علاقة لها مطلقاً بنظرية (عينيّة الصفات للذات الإلهيّة ووحدتهما خارجاً) بل نظريةُ العينيّة هذه في عين كونها تُثبت الصفاتِ الجماليّة والكماليّة لله ، مُنزَّهَة من الإِشكالات والاعتراضات الواردةِ على نظريّة زيادةِ الصفاتِ على الذات.