فقد صَرَّحَتِ الآيةُ المذكورة بتأثير الرياح في تحريك السحابِ وسَوْقها.
إنّ تعمِيم خالقيّة الله على جميع الظواهر الطبيعيّة لا يستلزم أبداً أن ننسب أفعال البشر القبيحة إلى الله تعالى ، لأنّ كل ظاهرة من الظواهر الكونية لكونها كائناً إمكانياً وإن كان مستحيلاً أن ترتدي ثوب الوجود من دون الاستناد إلى القدرة ، والإرادة الإلهيّة الكلية.
ولكن في مجال الإنسان يجب أن نضيف إلى ذلك ، أنّ الإنسان لكونهِ كائناً مختاراً ، وموجوداً ذا إرادة ، فهو يفعلُ أو يترك بإرادته واختيارِهِ بحكم التقدير الإلهيّ أي إنّ الله قدّر وشاء أن يفعلَ الإنسانُ ما يريد فعلهُ بإرادته ، ويترك ما يريد تركه بإرادته ، لهذا فإنّ اصطباغ الفعل البشري من حيث كونه طاعة أو معصية لله تعالى ناشئ مِن نوعيّة إرادته واختيار الإنسان نفسهِ.
وبعبارة أُخرى : إنّ الله واهبُ الوجود ، والوجود مطلقاً مستند إليه ، ولا قبح في الأمر من هذه الناحية كما قال : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (١).
ولكنّ جَعْلَ وجود هذا الفعل مطابقاً أو غير مطابق لمعايير العقل والشرع ، نابعٌ في الحقيقة من كيفية اختيار الإنسان وإرادته ، وعزمه.
ولإيضاح المقصود نأتي بمثال :
إنّ الأكل والشرب من أفعال الإنسان بلا ريب فيقال أكل فلان
__________________
(١). السجدة / ٧.