وقد يأتي عليه حالات في قوته وشبابه فيهمّ بالخطيئة فيشجعه روح القوة ويزين له روح الشهوة ويقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة فإذا لامسها نقص من الإيمان وتقضى منه ، فليس يعود فيه حتى يتوب ، فإذا تاب تاب الله عليه ، فإن عاد أدخله نار جهنم.
فأما أصحاب المشئمة فمنهم اليهود والنصارى ، يقول الله عزوجل (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) (١) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) في منازلهم (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (٢) ، فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح : روح القوة وروح الشهوة وروح البدن ، ثم أضافهم إلى الأنعام فقال (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) (٣) لأن الدابة إنما تعمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن ، فقال السائل : أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين. (٤)
الخامس : ابن بابويه بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله عزوجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما ، وذلك قوله تعالى ذكره في (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) (٥) وأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ، ثم قسم القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا لقوله عزوجل (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (٦) وأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله عزوجل (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (٧) فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله جل ثناؤه ولا فخر ، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا وذلك قول الله عزوجل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٨) (٩).
السادس : محمد بن إبراهيم النعماني قال : أخبرنا علي بن الحسين عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن الرازي عن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن داود بن كثير الرقي قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام جعلت فداك أخبرني عن قول الله عزوجل (السَّابِقُونَ
__________________
(١) البقرة : ١٤٦.
(٢) البقرة : ١٤٧.
(٣) الفرقان : ٤٤.
(٤) الكافي ٢ / ٢٨٣ ح ١٦.
(٥) الواقعة : ٢٧.
(٦) الواقعة : ٨ ، ٩ ، ١٠.
(٧) الحجرات : ١٣.
(٨) الاحزاب : ٣٣.
(٩) أمالي الصدوق : ٧٣ / ح ٩٩٩.