٣٦٧ ـ (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [١٧٥] : أي أيّ شيء صبّرهم عليها ودعاهم إليها. ويقال : ما أصبرهم على النار : ما أجرأهم عليها. وأصبرهم وصبّرهم بمعنى (زه) والحاصل أن في «ما» قولين :
أحدهما : أنها استفهامية ، وهو قول ابن عباس والسّدّيّ (١). قال الكسائي : والمبرّد (٢) : والمعنى على التوبيخ لهم والتعجب لنا ، قال الفرّاء : التقدير : أي شيء حبسهم عليها؟ وقيل : على عمل يؤدي إليها.
والثاني : أنها تعجّبيّة ، وهو قول الحسن وقتادة (٣) ومجاهد (٤) ، والمعنى : ما أشار إليه ثانيا. وقال مجاهد : ما أعملهم بأعمال أهل النار (٥). وقال الزّجّاج : ما أتقاهم على النار (٦).
٣٦٨ ـ (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) [١٧٦] : في ضلال بعيد ، بلغة جرهم (٧) *.
٣٦٩ ـ (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) [١٧٧] [١٨ / ب] : أي ولكنّ البرّ برّ من آمن ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٨) ، أي أهل القرية. ويجوز أن يسمّى الفاعل (٩) والمفعول به بالمصدر ، كقولك : رجل عدل
__________________
ولما عثر عليه الحجاج قتله سنة ٩٥ ه. (وفيات الأعيان ٢ / ١١٢ ـ ١١٦ «الترجمة ٢٤٧» ، وتاريخ الإسلام ٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، وتهذيب التهذيب ٣ / ٣٠٦ ـ ٣٠٨ الترجمة ٣٣٥٢).
(١) هذا القول منسوب لابن عباس في مجمع البيان ١ / ٢٦٠ ، وللسدي في تفسير الطبري ٣ / ٣٣٢ والوسيط للواحدي ١ / ٢٤٩ وزاد المسير ١ / ١٥٩.
والسّدي هو أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن حجازي الأصل. سكن الكوفة. محدث مفسر. وصف بأنه ثقة. أخذ عن أنس ، وروى عنه الثوري. توفي سنة ١٢٧ ه (الأنساب ٣ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، وتاريخ الإسلام ٣ / ٤٥٧ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٣٢٤ «رقم ٤٩٩» ، وطبقات المفسرين ١ / ١٠٩).
(٢) المبرّد : هو أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي : لغوي أديب. ولد بالبصرة ومات ببغداد. من مصنفاته : الكامل في اللغة والأدب ، والمقتضب (في النحو) ، ونسب عدنان وقحطان. توفي سنة ٢٨٦ ه. (إنباه الرواة ٣ / ٢٤١ ـ ٢٥٣ ، وانظر تاريخ الإسلام ٨ / ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ومقدمة محقق المقتضب).
(٣) نسبة هذا الرأي للحسن وقتادة في الوسيط للواحدي ١ / ٢٤٩ (وذكر معهما الربيع) ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٩٠ (وذكر معهما الربيع وابن جبير).
(٤) القول بأنها تعجبية معزو لمجاهد في تفسير الطبري ٣ / ٣٣٣.
(٥) تفسير الطبري ٣ / ٣٣٣ ، والذي في تفسير مجاهد ١٦١ : «ما أعملهم بالباطل» ، ونقل المحقق عن تفسير الطبري في الهامش الكلام المعزو لمجاهد هنا.
(٦) انظر : معاني القرآن للزجاج ١ / ٢٤٥.
(٧) غريب القرآن لابن عباس ٣٩ ، والإتقان ٢ / ٩٥.
(٨) سورة يوسف ، الآية ٨٢.
(٩) في الأصل : «ألفا».