المبحث الأول
أهداف سورة «العصر» (١)
سورة «العصر» سورة مكية ، آياتها ثلاث ، نزلت بعد سورة «الشرح».
«وفي هذه السورة الصغيرة ، يتمثّل منهج كامل للحياة البشرية ، كما يريدها الله تعالى. وتبرز معالم التصور الإيماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح صورة وأدقها.
إنها تضع الدستور الإسلاميّ كلّه في كلمات قصار ، وتصف الأمة المسلمة : حقيقتها ووظيفتها في آية واحدة ، هي الآية الثالثة من السورة. وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلّا الله.
والحقيقة الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه : أنه على امتداد الزمان في جميع العصور ، وامتداد الإنسان في جميع الدهور ، ليس هنالك إلّا منهج واحد رابح ، وطريق واحد ناج ، هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده وتوضح معالمه.
إن العمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان ، وبذلك يصبح الإيمان قوّة دافعة ، وحركة وعملا ، وبناء وتعميرا يتّجه إلى الله سبحانه.
أمّا التواصي بالحق والصبر ، فيبرز صورة الأمة المسلمة متضامنة متضامّة ، خيِّرة واعية ، قائمة على حراسة الحق والخير ، متواصية بالحق والصبر في مودّة وتعاون وتاخ.
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.