المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الفلق» (١)
إن قيل : قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) (٢) يتناول كل ما بعده ، فما الحكمة في الإعادة؟
قلنا : خص شرّ هذه الأشياء الثلاثة بالذكر ، تعظيما لشرّها ؛ كما في عطف الخاصّ على العام ، تعظيما لشرفه وفضله ؛ أو خصّها بالذكر لخفاء شرّها ، وأنّه يلحق الإنسان من حيث لا يشعر به ، ولهذا قيل : شر الأعداء المداجي ، وهو الذي يكيد الإنسان من حيث لا يعلم.
فإن قيل : لم عرّف سبحانه النّفّاثات ، ونكّر ما قبلها وما بعدها؟
قلنا : لأن كلّ نفّاثة لها شرّ ، وليس كل غاسق وهو الليل له شرّ ، وكذا ليس كل حاسد له شرّ ، بل رب حسد كان محمودا وهو الحسد في الخيرات ، ومنه قوله (ص) «لا حسد إلا في اثنتين» الحديث. وقال أبو تمام :
وما حاسد في المكرّمات بحاسد إنّ العلى حسن في مثلها الحسد
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.