(دِينُكُمْ) : أي الشرك بعبادة الأصنام.
(وَلِيَ دِينِ) (٦) : دين التوحيد.
فكرة السورة
لم يكن العرب يجحدون الله سبحانه ، ولكن كانوا لا يعرفونه بحقيقته التي وصف بها نفسه ، وهي أحد فرد صمد. فكانوا يشركون به ، ولا يعبدونه حقّ عبادته ؛ كانوا يشركون به هذه الأصنام ، التي يرمزون بها إلى أسلافهم من الصالحين أو العظماء ، أو يرمزون بها إلى الملائكة ، ويقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣].
وكانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم (ع) وأنّهم أهدى من أهل الكتاب ، الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة.
ولحسم هذه الشبهات ، نزلت هذه السورة بهذا الجزم ، وبهذا التوكيد ، توضح أنّهم كافرون مشركون ، قد نبذوا التوحيد ، وخرجوا عن جادّة الصواب ؛ فلن يعبد النبي (ص) ما يعبدون من أصنام وأوثان. قال تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) (٦٤) [الزمر].
مع آيات السورة
[الآية ١] : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١) : قل لهم يا أيّها الكافرون ، نادهم باسمهم وحقيقتهم ، وصفهم بوصفهم ، أنهم ليسوا على دين وليسوا بمؤمنين ، وإنّما هم كافرون.
[الآية ٢] : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢) : فعبادتي غير عبادتكم ، ومعبودي غير معبودكم ، وأنا لا أعبد أصنامكم ، ولا أسجد لآلهتكم ، وإنما أعبد إلها واحدا منزّها عن النظير المثيل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١١) [الشورى].
[الآية ٣] : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) وإنّكم لكاذبون في دعواكم أنّكم تعبدون الله ، لأنّ الذي تزعمونه ربّا تتّخذون له الشفعاء ، وتجعلون له زوجة من الجن تلد له الملائكة (٢) ،
__________________
(٢). قال تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨) [الصافات].
وقال سبحانه : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١٩) [الزخرف].