المبحث الأول
أهداف سورة «القدر» (١)
سورة القدر سورة مكية ، آياتها ٥ آيات نزلت بعد سورة عبس.
والحديث في هذه السورة عن تلك الليلة الموعودة المشهودة ، التي سجّلها الوجود كله ، في فرح وغبطة وابتهال ، ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى ، ليلة بدء نزول القرآن الكريم على قلب محمد (ص) ، ليلة ذلك الحدث العظيم ، الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته وفي دلالته ، وفي آثاره في حياة البشرية جميعا ، العظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري.
هي ليلة نزل فيها قرآن ذو قدر ، على نبيّ ذي قدر ، لأمّة ذات قدر.
هي ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك. قال تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) [البقرة : ١٨٥].
وقد وردت في تعيين هذه الليلة آثار كثيرة ، منها ما ورد في البخاري أن رسول الله (ص) قال :
«إنّي رأيت ليلة القدر ، ثم نسيتها ، أو أنسيتها ، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان».
ويتوقّع طلبها في أوتار العشر الأواخر ، أي ليلة ٢١ ، ٢٣ ، ٢٥ ، ٢٧ ، ٢٩ ؛ وفي كثير من الروايات أنّها ليلة ٢٧ رمضان.
وعظمة هذه الليلة مستمدّة من نزول القرآن الكريم فيها ، ذلك الكتاب
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.