المبحث الخامس
المعاني المجازية في سورة «الشرح» (١)
في قوله سبحانه : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣) مجاز واستعارة ، لأن النبي (ص) لا يجوز أن ينتهي عظم ذنبه إلى حال إنقاض الظّهر ، وهو صوت تقعقع العظام من ثقل الحمل. لأن هذا القول لا يكون إلّا كناية عن الذنوب العظيمة ، والأفعال القبيحة. وذلك غير جائز على الأنبياء عليهمالسلام ، في قول من لا يجيز عليهم الصغائر ولا الكبائر ، وفي قول من يجيز عليهم الصغائر دون الكبائر. لأن الله سبحانه قد نزّههم عن موبقات الآثام ، ومسحقات الأفعال ، إذ كانوا أمناء وحيه ، وألسنة أمره ونهيه ، وسفراؤه إلى خلقه.
فنقول : إن المراد هاهنا بوضع الوزر ليس على ما يظنه المخالفون من كونه كناية عن الذنب ، وإنّما المراد به ما كان يعانيه النبي (ص) من الأمور المستصعبة في أداء الرسالة ، وتبليغ النذارة (٢) ، وما كان يلاقيه عليهالسلام من مضارّ قومه ، ويتلقّاه من مرامي أيدي معشره. وكلّ ذلك حرج في صدره ، وثقل على ظهره. فقرّره الله سبحانه بأنه أزال عنه تلك المخاوف
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). أي الإنذار ، كالبشارة ، وهي تقديم البشرى.