المبحث الخامس
المعاني المجازية في سورة «التكاثر» (١)
في قوله سبحانه : (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧) هذه استعارة على بعض الأقوال ، وهو أن يكون المراد : ثمّ لترونّها بعين اليقين ، ثم نزعت الباء فنصبت العين ، ويكون ذلك من باب قول الشاعر :
كما عسل الطّريق الثعلب
أي في الطريق ، وقال بعضهم : معنى ذلك على مثال قولهم عين الشيء أي حقيقته. وشاهد ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) (٥١) [الحاقة]. وقال بعضهم معنى «عين اليقين» أي حاضر اليقين ، ومنه قولهم في المثل : «تطلب أثرا بعد عين» أي غائبا بعد حاضر ، وعلى ذلك قول الأعشى (٢) ومن لا يصدّع له همّة فيجعلها بعد عين ضمارا والضمار الغائب ، والعين الحاضر ، ومنه الحديث في زكاة الضّمار أي الغائب والنّسيئة.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرّخ.
(٢). الأعشى هو ميمون بن قيس بن جندل والبيت المذكور من قصيدة له ، وقد جاء صدر البيت في ديوان الأعشى هكذا : «ومن لا تضاع له ذمّة».