المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الناس» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة النّاس ، بعد سورة الفلق ، وقد نزلت سورة الفلق ، فيما بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة ، فيكون نزول سورة النّاس ، في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أولها : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (١) وتبلغ آياتها ست آيات.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة ، تخصيص الله تعالى بالاستعاذة أيضا ، وقد كانت السورة السابقة في تخصيصه بالاستعاذة من الشرّ البدنيّ كالمرض ونحوه ، وهو يكون من الناس بعضهم لبعض ؛ وهذه السورة في تخصيصه تعالى بالاستعاذة من شرّ الإغواء على المعاصي ، وهو يكون من شياطين الجن والإنس ؛ وهذا هو وجه المناسبة في ذكرها بعد السورة السابقة ، وقد افتتح القرآن بحمده تعالى في سورة الفاتحة ، وختم بالاستعاذة به في هاتين السورتين ، والحمد يناسب الابتداء ، والاستعاذة تناسب الختام.
تخصيص الله بالاستعاذة
من شر الإغواء
الآيات [١ ـ ٦]
قال الله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) (١) فأمر النبي (ص) ، أن
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.