المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الكوثر» (١)
إن قيل : ما الكوثر؟
قلنا : فيه قولان : أحدهما ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه الخير الكثير : «فوعل» من الكثرة كقولهم : رجل نوفل : أي كثير النوافل ، ومنه قول الشاعر :
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا |
قيل لأعرابية رجع ابنها من سفر : كيف آب ابنك؟ قالت آب بكوثر. ولقد أعطي النبي (ص) خيرا كثيرا ، فإنه أوتي الحكمة ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. ومنهم من فسّر هذا الخير الكثير بالنبوّة ، ومنهم من فسّره بالعلم والحكمة ، ومنهم من فسّره بالقرآن. والقول الثاني : أن الكوثر اسم نهر في الجنّة ، وهو قول أكثر المفسّرين ، وقد جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله (ص) أنه قال : «الكوثر نهر وعدنيه ربّي في الجنّة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة» وعنه (ص) أيضا في الحديث أنه قال : «بينا أنا أسير في الجنّة فإذا بنهر حافّتاه قباب اللؤلؤ المجوّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربّك ، فضرب الملك بيده فإذا طينه المسك الأذفر (٢)» ، وروي عن صفته أنه أحلى من العسل ، وأشدّ بياضا من اللّبن ،
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
(٢). المسك الأذفر : ذو الرائحة الشديدة.