المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «الفلق» (١)
أقول : هاتان السورتان نزلتا معا ، كما في الدلائل للبيهقي. فلذلك قرنتا ، مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوّذتين ، ومن الافتتاح بقل أعوذ ، وعقّب بهما سورة الإخلاص ، لأن الثلاث سميت في الحديث بالمعوّذات ، وبالقوارع (٢).
وقدّمت «الفلق» على «الناس» ، وإن كانت أقصر منها ، لمناسبة مقطعها في الأوزان لفواصل «الإخلاص» مع مقطع «تبّت».
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). الذي عثرت عليه حديث عبد الله بن خبيب ، عن أبيه ، قال : أصابنا طشّ [أي مطر ضعيف] وظلمة ، فانتظرنا رسول الله (ص) ، فأخذ بيدي فقال : «قل. فسكت. فقال : قل. فقلت : ما أقول؟ قال : قل هو الله أحد ، والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفك ، كل يوم مرتين» مسند الإمام أحمد : ٥ : ٣١٢ ، وأبو داود في الأدب ما يقول إذا أصبح : ٢ : ١٧٦ ، والنّسائي في الاستعاذة : ٨ : ٢٥٠ والتّرمذي في الدعوات : ٩ : ٣٤٧ ، وحديث أن النبي (ص) كان يتعوّذ بهن كل ليلة ثلاث مرات (البخاري في فضائل القرآن : ٦ : ٢٣٣).
ونقل السيوطي عن السّخاوي قوله : (وقوارع القرآن الآيات التي يتعوّذ بها ويتحصّن ، سمّيت بذلك لأنها تقرع الشيطان ، وتقمعه ، كآية الكرسي والمعوّذتين) الإتقان : ١ : ٢٠١.