المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «البيّنة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة البيّنة بعد سورة الطلاق ؛ ونزلت سورة الطلاق ، فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ؛ فيكون نزول سورة البيّنة في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١) وتبلغ آياتها ثماني آيات.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة : بيان فضل القرآن. وقد كانت السورة السابقة في بيان فضل الليلة التي أنزل فيها ؛ فجاءت هذه السورة بعدها ، لبيان فضله في نفسه.
بيان فضل القرآن
الآيات [١ ـ ٨]
قال الله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١) ، فذكر سبحانه أن أهل الكتاب والمشركين لم يكونوا منفكّين عمّا هم عليه ، حتى تأتيهم البيّنة على فساده ، وأنّ هذه البيّنة قد جاءهم بها رسول يتلوها عليهم ، وهي صحف مطهّرة ، فيها سور قيّمة ، وأنّ أهل الكتاب لم يختلفوا في أمرها ، إلّا بعد أن قامت الحجّة بها عليهم ، لأنهم لم يؤمروا فيها إلّا بإخلاص العبادة له
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.