الجيران من فأس وقدر ودلو ، ونحو ذلك.
مع آيات السورة
[الآية ١] : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (١) أي هل عرفت ذلك الذي يكذّب بما وراء إدراكه من الأمور الإلهية ، والشؤون الغيبية ؛ بعد أن ظهر له الدليل القاطع ، والبرهان الساطع.
قال ابن جريج : نزلت في أبي سفيان ، كان ينحر جزورين في كل أسبوع ، فأتاه يتيم فسأله لحما فقرعه بعصاه ، وقال مقاتل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة ، والإتيان بالأفعال القبيحة. وعن السّدّي : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وقيل : في أبي جهل. وحكى الماوردي : أنه كان وصيّا ليتيم فجاءه وهو عريان ، يسأله شيئا من مال نفسه ، فدفعه ولم يعبأ به ، فأيس الصبي. فقال له أكابر قريش استهزاء : قل لمحمّد يشفع لك ، فجاء الى النبي (ص) والتمس منه الشفاعة ، وكان النبي (ص) لا يردّ محتاجا ، فذهب معه الى أبي جهل ، فقام أبو جهل ورحّب به وبذل المال لليتيم ، فعيّرته قريش وقالوا له صبأت. فقال لا والله ما صبأت ، ولكن رأيت عن يمينه وعن يساره حربة ، خفت ، إن لم أجبه ، أن يطعنها فيّ. وقال كثير من المفسّرين : إنّه عامّ لكلّ من كان مكذّبا بيوم الدين.
[الآية ٢] : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (٢) ، أي فذلك المكذّب بالدّين هو الذي يدعّ اليتيم ، ويزجره زجرا عنيفا ، لقد خلا قلبه من الرحمة ، وامتلأ بالكبر والغطرسة ، ولذلك أهان اليتيم وآذاه ، واليتم مظهر من مظاهر الضعف ، فقد فقد الأب الذي يحميه ، والعائل الذي يحنو عليه ، ومن واجب المجتمع أن يتعاون على إكرامه ، والأخذ بيده حتى ينشأ عزيزا كريما. إن كل فرد معرّض لأن يفاجئه الموت وأن يترك أولاده يتامى ، فليعامل اليتيم بما يحب أن يعامل به أولاده لو كانوا يتامى. قال تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٩) [النساء].
وقد تكرّرت وصايا القرآن برعاية اليتيم ، والمحافظة على ماله ، والتحذير من تضييع حقّه ، ورد ذلك في السور