المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «العاديات» (١)
أقول : لا يخفى ما بين قوله تعالى في الزلزلة : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٢) [الزلزلة] وقوله في هذه السورة : (إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) [الآية ٩]. من المناسبة والعلاقة (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). أقول : وهناك مناسبة أخرى. هي : بيان الأصل الذي يضلّ به الإنسان أو يهتدي. فلمّا ذكر سبحانه في آخر الزلزلة جزاء الإنسان على الخير والشر. بيّن جلّ وعلا هنا أن الإنسان بطبعه يحب الخير ؛ وحبّه للخير إمّا للدنيا ، وهو الشر ، وإمّا للاخرة ، وهو حقيقة الخير. فهذا الحب هو الذي يوجّه الأعمال. ثمّ ذكّر الإنسان بيوم يكشف فيه عما في القلوب من نيّات خفيّة : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) (١٠) الى آخر السورة. وقد زاد الأمر تفصيلا في السور التالية.