التي كانت تلقيها في طريق النبي (ص) ، والمؤمنين إيذاء لهم ؛ أو هو كناية عن إلقاء الفتنة بين النبي (ص) والمشركين.
(جِيدِها) [الآية ٥] : عنقها.
(مَسَدٍ) (٥) : هو الليف ، أي في عنقها حبل من ليف ، تجمع فيه الحطب وتحزمه.
مع السورة
سورة المسد ، وتسمّى أيضا سورة أبي لهب ، وأبو لهب ، واسمه : عبد العزّى بن عبد المطّلب ، هو عم النبي (ص) ؛ وإنما سمّي أبا لهب لإشراق وجهه ، وكان هو وامرأته «أم جميل» ، من أشدّ الناس إيذاء لرسول الله (ص) وللمؤمنين به.
أخرج البخاري بإسناده عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، أن النبي (ص) خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : «يا صباحاه» ، فاجتمعت إليه قريش ، فقال : أرأيتم إن حدّثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا نعم ، قال : فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبّا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا. فأنزل الله السورة : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (١) والتّباب الهلاك والبوار والقطع ؛ و «تبّت» الأولى دعاء ، و «تبّت» الثانية تقرير لوقوع هذا الدعاء : هلكت نفس أبي لهب ، وقد هلك ؛ ما نفعه ماله ، وما كسبه بماله من الربح والجاه ؛ سيدخل نارا ذات لهب ، ونجد هنا تناسقا في اللفظ ، فجهنّم هنا ذات لهب ، يصلاها أبو لهب.
ومضمون السورة : خسر أبو لهب ، وضلّ عمله ، وبطل سعيه الذي كان يسعاه ، للصدّ عن دين الله ؛ ولم يغن عنه ماله الذي كان يتباهى به ، ولا جدّه واجتهاده في ذلك ؛ فإن الله أعلى كلمة رسوله ، ونشر دعوته ، وأذاع ذكره. وسيعذّب أبو لهب يوم القيامة بنار ذات شرر ولهيب وإحراق شديد ، أعدّها الله لمثله من الكفّار والمعاندين ، فوق تعذيبه في الدنيا ، بإبطال سعيه ، ودحض عمله ؛ وستعذّب معه امرأته التي كانت تعاونه على كفره وجحده ، وكانت عضده في مشاكسة رسول الله (ص) وإيذائه ، وكانت تمشي بالنميمة للإفساد ، وإيقاد نار الفتنة والعداوة.