المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «التين» (١)
فإن قيل : ما وجه الاستثناء في قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٦).
قلنا : قال الأكثرون : المراد بالإنسان هنا الجنس ، وبردّه أسفل سافلين بإدخاله النار ، فعلى هذا يكون الاستثناء متّصلا ظاهر الاتّصال ، ويكون قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ، قائما مقام معنى قوله تعالى فلا نردّهم أسفل سافلين ، وأمّا على قول من فسّر أسفل سافلين بالهرم والخرف ، وقال : السافلون هم الضعفاء ، والزّمنى (٢) ، والأطفال ، والشيخ الهرم أسفل هؤلاء كلهم ، فعلى هذا يكون الاستثناء منقطعا بمعنى لكن ، ومعنى قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ، أي غير مقطوع بالهرم ، والضعف الحاصل من الكبر : أي إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال شبابهم وقوّتهم ، فإنّهم إذا عجزوا عن العمل كتب لهم ثواب ما كانوا يعملونه من الطاعات والحسنات إلى وقت موتهم ؛ وهذا معنى قول ابن عباس (رض) : من قرأ القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر ، وقال بعض العلماء : الذين آمنوا وعملوا الصالحات في شبابهم وقوّتهم ، فإنهم لا يردون إلى الخرف وأرذل العمر ، وإن عمّروا طويلا ؛ وتمسّك بظاهر قول ابن عباس رضي الله عنهما.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
(٢). الزّمنى : مفردة «زمن» ، وهو من ضعف بكبر سنّه.