المبحث الرابع
لكل سؤال جواب في سورة «الشرح» (١)
إن قيل : ما الحكمة في زيادة ذكر لك وعنك ، والكلام تامّ بدونهما؟
قلنا : فائدته الإبهام ثمّ الإيضاح ، وهو نوع من أنواع البلاغة ، فلمّا قال تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (١) فهم أنّ ثمّ مشروحا له ، ثم قال : (صَدْرَكَ) (١) فأوضح ما علم مبهما بلفظ لك ، وكذا الكلام في : (وَوَضَعْنا عَنْكَ).
فإن قيل : قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٥) وكلمة مع للمصاحبة والقران ، فما معنى اقتران العسر واليسر؟
قلنا : سبب نزول هذه الآية أنّ المشركين عيّروا رسول الله (ص) وأصحابه (رض) بالفقر والضائقة التي كانوا فيها ، فوعدهم الله تعالى يسرا قريبا من زمان عسرهم ، وأراد تأكيد الوعد لتسليتهم وتقوية قلوبهم ، فجعل اليسر الموعود كالمقارن للعسر في سرعة مجيئه.
فإن قيل : ما معنى قول ابن عمر وابن عباس (رض) وابن مسعود (رض) : لن يغلب عسر يسرين ، ويروى ذلك عن النبي (ص) أيضا؟
قلنا : هذا عمل على الظاهر وبناء على قوّة الرجاء ، وإنّ وعد الله لا يحمل إلا على أحسن ما يحتمله اللفظ وأكمله ؛ وأما حقيقة القول فيه فهو أنه يحتمل أن تكون الجملة الثانية تأكيدا
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.