المبحث الخامس
لكل سؤال جواب في سورة «الزّلزلة» (١)
ما معنى إضافة الزلزال ، الذي هو المصدر ، إلى الأرض ، في قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (١)؟
قلنا : معناه الزلزال الذي تستوجبه في حكمة الله تعالى ومشيئته في ذلك اليوم ، وهو الزلزال الذي ليس بعده زلزال ، ونظيره قولك : أكرم التقيّ إكرامه وأهن الفاسق إهانته ؛ تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة ، ويجوز أن يكون المراد بالإضافة الاستغراق ، ومعناه : زلزالها كله الذي هو ممكن لها.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨) على العموم فيهما ، وحسنات الكافر محبطة بالكفر ، وسيّئات المؤمن معفوّ عنها ، مغفورة باجتناب الكبائر ، فكيف تثبت رؤية كل عامل جزاء عمله؟
قلنا : معناه : فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يكون من فريق السعداء ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يكون من فريق الأشقياء ، لأنه جاء بعد قوله تعالى : (يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) [الآية ٦]. وذكر مقاتل ، أنّها نزلت في رجلين من أهل المدينة ، كان أحدهما يستقلّ أن يعطي السائل الكسرة أو التمرة ، ويقول : إنّما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبّه ، وكان الاخر يتهاون بالذنب اليسير ويقول : إنّما أوعد الله النار على الكبائر.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.