ورويت هذه الواقعة أيضاً في نفس الكتاب عن «أبي سعيد الخدري» ذاكراً أنّ المدّة كانت «ثمانية أشهر» (١).
إنّ الاختلاف في هذه التعابير أمر طبيعي ، فربما شاهد أنس هذا الأمر لمدّة ستة أشهر ، وأبو سعيد الخدري لمدّة ثمانية أشهر ، وأبو الحمراء لمدّة سبعة أشهر وابن عباس تسعة أشهر (٢).
فكل منهم نقل ما رآه ، فلا تضارب بين كلامهم.
على أيّة حال ، فاستمرار هذه الحالة وتكرار هذا الكلام خلال تلك الفترة الطويلة من قبل النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله كان أمراً مخططاً له ، فهو كان يريد أن يُبيّن بوضوح أنّ المراد من «أهل البيت» هم أهل هذه الدار فقط ، لئلا يبقى شك بالنسبة لأي شخصٍ في المستقبل ، وليعلم الجميع أنّ هذه الآية نزلت بحق هذه الزمرة فقط ، والعجيب أنّ القضية بالرغم من هذا التكرار والتأكيد بقيت غامضة بالنسبة للبعض.
لاسيّما وأنّ الدار الوحيدة التي كانت بابها مفتوحة على مسجد النبي صلىاللهعليهوآله هي دار النبي صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام ، (فقد أمر النبي صلىاللهعليهوآله بإغلاق جميع الأبواب التي كانت تفتح على المسجد ماعدا هاتين البابين).
ويذكر أنّ الكثير من الناس طالما سمعوا هذا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أثناء الصلاة ، وبعد هذا التأكيد والإثبات أليس من المدهش أن يصر بعض المفسرين على سعة مفهوم الآية لتشمل نساء النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً ، مع ما أوردناه سابقاً من حديث عائشة زوجة النبي صلىاللهعليهوآله واستنادا إلى شهادة التاريخ حيث أنّها لم تَدعْ شيئاً أثناء ذكرها لفضائلها وتفاصيل حياتها مع النبي صلىاللهعليهوآله ، فهي لم تر نفسها غير مشمولة بهذه الآية فحسب ، بل تقول : إنّ النبي قال لي : «لستِ منهم»!
* * *
__________________
(١) شواهد التنزيل ، ج ٢ ، ص ٢٨ ؛ واحقاق الحق ، ج ٢ ، ص ٥٠٣ إلى ٥٤٨.
(٢) تفسير در المنثور ، ج ٥ ، ص ١٩٩.