لقد اتضحت الاجابة جيداً عن هذا السؤال أو التبرير من خلال الأبحاث السابقة ، وآثار التكلف أثناء الدفاع عن هذا الرأي مشهودة تماماً ، فلو كان المقصود من (الأهل) نساء النبي صلىاللهعليهوآله يكون ظاهر اللفظ «مفرد مذكر» ومعناه «جمع مؤنث» ، بينما لم يذكر في الآية لا «المفرد المذكر» ولا «الجمع المؤنث» بل جاء بصيغة «الجمع المذكر».
كما أنّ التعبير بـ «البيت» جاء بصيغة المفرد خلافاً لمطلع الآية الذي جاء بصيغة الجمع ، فمن المتعذر أن تكون عبارة : «وَقَرَن فىِ بُيُوتِكُنَّ» من أجل شخص النبي صلىاللهعليهوآله ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن يمتلك بيتاً مستقلاً ، فقد كان بيته هي البيوت التي كانت تعيش فيها زوجاته.
على هذا الأساس فلا سبيل سوى أن يكون المقصود من البيت هنا بيت القرابة والارتباط النسبي بالنبي صلىاللهعليهوآله ، لا بيت السكنى كما في التعبير المتداول والمعتاد عليه.
بالإضافة إلى كل هذا فعلى فرض قبولنا بهذه الآراء البعيدة عن الواقع ، فهل يمكن التغاضي عن روايات بهذه السعة والكثرة والصراحة وهى التي تحصر أهل البيت عليهمالسلام بخمسة أشخاص؟ أم نعتبرها روايات ضعيفة السند؟ فلو لم تكن هذه الروايات متواترة وقوية ، فليس لدينا ـ إذن ـ حديث متواتر وصحيح ، ولو كانت هذه الروايات خالية من الصراحة ، فأيّ رواية صريحة في مضمونها؟!
والأدهى من ذلك كله مانقل عن «عكرمة» قوله : من شاء باهلتُه أنّها نزلت في نساء النبي صلىاللهعليهوآله (١) ، ونقل عنه في تعبير آخر : إنّ عكرمة كان ينادي في السوق أنّ قوله تعالى إنّما يريد الله ... نزل في نساء النبي صلىاللهعليهوآله (٢).
إنّه لمدهش حقاً ، فهل يمكن إثبات المسائل العلمية والاستدلالية بالمباهلة والصراخ في الأسواق ، وهو أمر يمتلك جميع هذه الأدلة والشواهد والقرائن ، إذ يقوم النبي صلىاللهعليهوآله ببسط الكساء على خمسة أشخاص ويشخِّصهم بدقّة ويخاطبهم ، حتى أنّه لم يسمح لـ «أم سلمة»
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ٢٢ ، ص ١٢.
(٢) المصدر السابق ، ص ١٣.