عيناه على علي عليهالسلام التفت إليه وأخذ بيده ورفعها حتى بان بياض ابطيهما ، وشاهدهما جميع القوم ، وعرفوا أنّه ذلك الفارس المقدام ، وهنا ارتفع صوت النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين وأولى منهم بأنفسهم ، ثم قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، وكرر هذا الكلام ثلاث مرات ، وكما قال أرباب الحديث : إنّه كرره أربعاً ، ثم رفع رأسه نحو السماء ، وقال :
اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه ، واحب من أحبّه وابغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأَدر الحق معه حيث دار.
ثم قال صلىاللهعليهوآله : إلّافليبلِّغ الشاهدُ الغائبَ».
هنا انتهت خطبة الرسول صلىاللهعليهوآله وكان العرق يتصبب من النبي صلىاللهعليهوآله وجميع من حضر ، وما زال الناس لم يتفرقوا من ذلك المكان حتى نزل عليه الوحي وقرأ هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله : (اليومَ اكملتُ لكُم دينَكُم وَأَتْمَمْتُ عَليكم نِعمتي).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الله أكبر ، الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي والولاية لعلي من بعدي».
في هذه الأثناء عمّ الناس النشاط والحركة ، وأخذوا يهنئون علياً عليهالسلام بهذا المقام ، وكان من الذين هنّأوه ، أبو بكر وعمر حيث نطقا بهذه العبارة أمام أعين الحاضرين :
«بخ ، بخ لك ياابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة».
أثناء ذلك قال ابن عباس : «والله أنّه عهد سيبقى في أعناقهم» ، واستأذن النبيّ صلىاللهعليهوآله الشاعر المعروف «حسان بن ثابت» لينشد شعراً بهذه المناسبة ، ثم استهل قصيدته المعروفة :
يناديهمُ يومَ الغدير نبيُّهم |
|
بُخمٍّ وأسمِعْ بالرسول مناديا |
فقال فمن مولاكُمُ ونبيُّكمْ؟ |
|
فقالوا ولم يُبدو هناك التعاميا |
إلهكَ مولانا وأنت نبيُّنا |
|
ولم تلقَ منّا في الولاية عاصيا |