٣ ـ إنّ عبارات الآية تدلل على أنّ القضية المقصودة من الآية كانت مسألة قد اتخذ البعض ازاءها موقفا متصلباً ، ولربّما تعرضت حياة النبي صلىاللهعليهوآله إلى الخطر بسببها ، من هنا أعلن الباري تعالى دعمه الخاص لنبيه في هذا الصدد وقال :
(وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
ثم يؤكد تعالى في نهاية الآية :
(انَّ اللهَ لَايَهدِى القَومَ الكَافِرِينَ).
وهذه العبارة بحد ذاتها دليل على المواقف السلبية لبعض المخالفين.
إنَّ مجموع هذه الامور الثلاثة التي تستنتج من الآية تؤكد على أنّ المراد منها ليس إلّا ابلاغ خلافة ووصاية النبي صلىاللهعليهوآله.
نعم ، فمثل هذا الأمر يمكن أن يحظى بالبحث والتمعن في آواخر حياة النبي صلىاللهعليهوآله ، وليس سائر دعائم الإسلام التي كانت قد بُينت آنذاك ، ومثل هذا الأمر باستطاعته أن يكون مرادفاً للنبوة ومماثلاً لها ، وربّما تثار الاعتراضات نتيجة لاظهار مثل هذا الأمر قبل هذا الوقت ويكمن فيه الخوف من الخطر.
إنّ أي تفسير آخر يعطى لهذه الآية عدا مايتعلق بالولاية والإمامة والخلافة ، لا ينسجم معها.
فلو طالعتم جميع كلمات المفسرين الذين أرادوا صرف مضمون الآية إلى قضايا اخرى ، لم يستطع أي منهم أن يُشير إلى الأمر الذي تؤكّد عليه الآية ، وهذا ما حدا بهم إلى أنّ يتوقفوا عن تفسيرها.
* * *
__________________
ـ نزولها إلّاأحد وثمانين يوماً ، أو اثنين وثمانين يوماً ، التفسير الكبير ، ج ١١ ، ص ١٣٩ ؛ وجاء في تفسير المنار أيضاً وبعض الكتب الاخرى أنّ سورة المائدة جميعها نزلت في حجة الوداع (تفسير المنار ، ج ٦ ، ص ١١٦) وبالطبع فقد نقل البعض بشأن عدد الأيّام أعلاه ، أقل من ذلك.