إنّ هذا الإشكال شأنه شأن سائر الإشكالات فهو ناتج عن عدم الاطلاع الكافي على كتب الحديث والتاريخ والتفسير ، فلقد رويت أحاديث عديدة في كتب علماء السنّة أنّ علياً عليهالسلام أو الأئمّة أو أنصارهم قد احتجوا بحديث الغدير ، والمدهش هو : كيف غابت عن أنظار المشككين؟.
منها ما ينقله «الخطيب الخوارزمي الحنفي» في كتابه «المناقب» عن «عامر بن وائلة» قال : كنت مع علي عليهالسلام يوم الشورى وسمعته يقول لهم : «لاحتجن عليكم بما لايستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك ، ثم قال : أنشدكم الله أيّها النفر جميعاً أفيكم أحد وحّد الله قبلي؟ .... فانشدكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : مَن كنتُ مولاه فعليٌ مولاه اللهمَّ والِ مَن والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره ليبلغ الشاهد الغايب ، غيري» (١).
ونقل هذه الرواية الحمويني في فرائد السمطين في الباب ٥٨ ، وابن حاتم في درر النظم ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.
كما روى ابن حجر في الصواعق هذا المضمون عن الدار قطني (٢).
وفي كتاب الغدير ذكر بحث شامل وبمصادر واسعة حول «مناشدة» أمير المؤمنين عليهالسلام في مواطن عديدة ، منها أيّام عثمان ، وأبان خلافته ، يوم الجمل ، ومرّة اخرى في الكوفة يوم صفين ، بالإضافة إلى المواضع الستة عشر الاخرى المنقولة من احتجاجات فاطمة عليهاالسلام ، والإمام الحسن عليهالسلام ، والإمام الحسين عليهالسلام ، وجماعة من الصحابة وغيرهم ، التي تحكي عن المعلومات الواسعة لهذا الكاتب الكبير من ناحية ، ومن ناحية آخرى تبرهن على أنّ الاحتجاج بهذا الحديث كان موضع اهتمام على مدى القرون المختلفة ، بالرغم من سعي السياسات الخاصة التي كانت مهيمنة على هذه القضية في التقليل من أهميّتها قدر الإمكان.
ونظراً إلى أنّ الغور في هذه البحوث الواسعة يخرجنا عن الهدف الذي نبتغيه ، فإنّنا نكتفي بهذا المقدار ونحيل الراغبين إلى هذا المصدر (٣) وسائر المراجع.
__________________
(١) المناقب ، ص ٢١٧.
(٢) الغدير ، ص ١٦١.
(٣) المصدر السابق ، ص ١٥٩ ـ ٢١٣.