وقد نقل هذا المعنى ابن المغاربي عالم أهل السّنة المعروف في كتاب «المناقب» عن ابن مسعود عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله مع قليل من الاختلاف ، إذ يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في تفسير هذه الآية : قال الله تعالى لإبراهيم عليهالسلام ما معناه : «مَنْ سَجدَ لصنم من دوني لا اجعله إماماً». ثم أضاف صلىاللهعليهوآله : «وانتهت الدعوة إليَّ وإلى أخي علي ، لم يسجد أحدنا لصنم قط» (١).
وقد نقلت روايات اخرى عن طريق ائمة أهل البيت عليهمالسلام في الكتب المعتبرة بهذا الصدد أيضاً ، وتضم مجموعة هذه الروايات هذه النكتة وهي : إنّ النبي إبراهيم عليهالسلام كان أعلم وأذكى من أن يسأل الله الإمامة للذين كانوا مشركين أو ظالمين ، ولم تكن هنالك حاجة للرد عليه بأنّ الظالمين لا تشملهم هذه الهبة ، لأنّ الأمر واضح.
فعلى هذا الأساس ، لو سأل الله شيئاً فمن المسلم به أنّه كان للذين كانوا ظالمين أو مشركين في وقت ما ثم تابوا واصلحوا ، وفي هذا المجال سمع الجواب بأنّ عهد الإمامة لا يشمل مثل هؤلاء ، أي أن لا يكونوا ذوي سابقة في الظلم والشرك.
يقول المفسر الشهير العلّامة الطباطبائي في «الميزان» : «سأل بعض أساتذتنا عن تقريب دلالة الآية على عصمة الإمام ، فأجاب : إنّ الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام :
١ ـ من كان ظالماً في جميع عمره.
٢ ـ من لم يكن ظالماً في جميع عمره.
٣ ـ من هو ظالم في أول عمره دون آخره.
٤ ـ ومن هو بالعكس.
وإن إبراهيم عليهالسلام أجلُّ شأناً من أنْ يسأل الإمامة للقسم الأول والرابع من ذرّيته ، فبقي قسمان ، وقد نفى الله أحدهم (وهو الذي يكون ظالماً في أول عمره دون آخره ، فبقي الآخر) وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره .. (تأملوا جيدا) (٢).
وقد اعترف الفخر الرازي في تفسيره بأنّ الآية دليل على عصمة الأنبياء ، واللطيف هو
__________________
(١) المناقب لابن المغازلي ، مطابق لنقل تفسير الميزان ج ١ ، ص ٢٧٨ في ذيل الآية مورد البحث.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٢٧٤.