جاءت خلفه ، أم أنّ علياً عليهالسلام كان إلى جانب النبي صلىاللهعليهوآله أم خلفه ، لا يترك أثراً على أصل القضية ، لأنَّ ثمّة اختلاف في نقل جزئيات وفروع ومتعلقات الكثير من الوقائع التاريخية المسلم بها ، مثل معركة بدر ، وخيبر ، والأحزاب ، وفتح مكة ، ومن النادر أن نستطيع العثور على واقعةٍ تاريخية مهمّة تخلو من هذه الاختلافات في مثل هذه الامور الثانوية.
على أيّة حال فالروايات المذكورة وبشهادة جماعة من عظماء أهل السنة كثيرةٌ ومشهورة بحيث وصلت إلى حدّ التواتر ، مع هذا فإنّ من العجب أن يقول صاحب تفسير المنار في ذيل هذه الآية : قال الاستاذ الإمام : الروايات متفقة على أنّ النبي صلىاللهعليهوآله اختار للمباهلة علياً وفاطمة وولديهما ويحملون كلمة (نساءنا) على فاطمة ، وكلمة (أنفسنا) على علي عليهالسلام فقط ، ومصادر هذه الروايات الشيعة! ومقصدهم منها معروفٌ! (١).
وإنّه لمدهشٌ حقاً ، فعندما تتركز قاعدة الحكم المسبق والتعصبات الطائفية يتفوه عالم معروفٌ كمؤلف كتاب المنار بكلام لا يخفى خواؤه على أحد ، هل أنّ «صحيح مسلم وصحيح الترمذي ومسند أحمد من مصادر الشيعة؟ وهل أنّ علماء الشيعة كتبوا سنن البيهقي ، والدر المنثور للسيوطي ، وأحكام القرآن للجصاص ، وتفسير الطبري ، ومستدرك الحاكم»؟
إنّ خطأً بهذا المستوى لا يحصل إلّانتيجة لحجاب التعصب.
فمن ناحية يقول الموما إليه : إنّ الروايات التي نقلت هذا الحديث «متفقٌ عليها» ومن ناحية اخرى يضعها موضع التشكيك.
فاذا كانت كتب مثل صحيح مسلم ، والترمذي ، ومسند أحمد ، وما شابهها بحيث يستطيع الشيعة وضع روايات ودسّها فيها بحيث تغدو متواترة ، فاي قيمة تبقى لهذه الكتب؟ وكيف يتسنى قبول ولو حديثٍ واحدٍ منها؟
وفي واقع الأمر أنّ مؤلف المنار بكلامه هذا أفقد اعتبار المصادر المعروفة لأهل السنّة ، وسلب منها قيمتها بالكامل ، نعم فهو أراد التنكر لفضيلة علي وفاطمة وابنيهما عليهمالسلام بَيدَ أنّه
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ٣٢٢.