الواهية التي أثاروها على هذه الروايات.
بينما يتقبلون مناقب الآخرين برحابة صدر ، وإن بدت عليها آثار الضعف ، ومع هذا فقد افلتَ الكثير من الحالات من سيف انتقاداتهم وهي تكفي لإدراك الحقيقة.
على أيّة حال من الواجب هنا الإشارة إلى جانب مهم من تلك المؤاخذات :
١ ـ إنّ هذه الفضيلة تصح في حالة نزول هذه السورة في المدينة وبعد ولادة الإمامين الحسن والحسين عليهماالسلام (والمشهور أنّ ولادة الإمام الحسن عليهالسلام في السنّة الثالثة للهجرة ، وولادة الإمام الحسين عليهالسلام في السنّة الرابعة للهجرة) ، بينما يعتقد الكثيرون بأنَّ هذه السورة مكية ، وعليه فإنّها لا تتفق وشأن النزول الآنف الذكر.
ولكن بناءً على قول المفسر السني المعروف القرطبي ، فإنّ المشهور أنّ العلماء يعتقدون بأنّ هذه السورة مدنية (وقال الجمهور مدنية) (١).
وانضمت طائفة كثيرة إلى هذا الرأي أيضاً ، منهم :
الحاكم الحسكاني إذ عدّ هذه السورة من السور المدنية حيث نزلت بعد سورة «الرحمن» وقبل سورة «الطلاق» ، والجدير بالاهتمام أنّ العالم المذكور نقل ثمانية روايات بهذا الصدد جرى التصريح فيها جميعاً بأنّ سورة «هل اتى» مدنية ، وبعض هذه الروايات عن «ابن عباس» ، وبعضها عن «عكرمة» ، و «الحسن» ، وبعضها عن آخرين.
وقد قال في كلامه : إنّ بعض أعداء أهل البيت اعترضوا على سبب نزول هذه السورة ، فقالوا : لقد اتفق علماء التفسير على أنّ هذه السورة مكية في حين أن قصتها وقعت في المدينة.
ثمّ يضيف : كيف يسوغ له دعوى الإجماع مع قول الأكثر أنّها مدنية (٢).
ونقل في كتاب «تاريخ القرآن» لأبي عبد الله الزنجاني عن كتاب «نظم الدرر وتناسخ الآيات والسور» ، عن جماعة من مشاهير أهل السنّة : إنّ سورة هل أتى مدنية (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٩٠٩.
(٢) شواهد التنزيل ، ج ٢ ، ص ٣١٠ ـ ٣١٥.
(٣) تاريخ القرآن ، ص ٥٥.