استفسر باضطراب : هل نزل شيء بحقي؟ فأجابه النبيّ صلىاللهعليهوآله : «هذا العمل يؤدّيه شخص منّي!».
وهنا نلاحظ أنَّ المشككين ـ بما امتلكوه من حكم مسبق ـ بذلوا كل مابوسعهم من أجل التقليل من أهميّة هذه المنقبة ، وتجاوزوا هذه المسألة بتحليلاتهم الواهية.
فمثلاً يقول «الآلوسي» في «روح المعاني» : هذا الحديث يدل باختصار على افضلية علي عليهالسلام وقربه من الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهذا ما لا ينكره مؤمن ، لكنه لا يدل أبداً على أنّ علياً أليق بامر الخلافة من أبي بكر ، ثمّ يضيف قائلاً : وقد ذكر بعض أهل السنّة نكتة في نصب أبي بكر أميراً للناس في حجهم ونصب الأمير «كرم الله وجهه» مبلغاً نقض العهد في ذلك المحفل ، وهي أنّ أبا بكر كان مظهراً لصفة الرحمة والجمال ، وعلي عليهالسلام هو أسد الله ومظهر جلاله ففوض إليه نقض عهد الكافرين الذي هو من آثار الجلال وصفات القهر فكانا عينين فوّارتين يفور من إحداهما صفة الجمال ، ومن الاخرى صفة الجلال في ذلك الجمع العظيم الذي كان أنموذجاً للحشر ومورداً للمسلم والكافر.
يقول الآلوسي بعد ذكره لهذا الكلام : «ولا يخفى حسنه لو لم يكن في البين تعليل النبي صلىاللهعليهوآله» (١).
وكما قال «الآلوسي» في كلامه الأخير فإنّ هذا التحليل «الشاعري» لا يتفق وقول النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهو يقول بصراحة : لقد أمرني جبرئيل عن الله أنّ هذا الأمر لايؤدّيه إلّاأنا أو رجل منّي ، أي رجل نظير للنبي صلىاللهعليهوآله ويمتلك مواصفات خاصة وأقرب الناس إليه ، ونحن نعلم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان جامعاً لصفات الجمال والجلال.
لماذا يصر هؤلاء الاخوة على إغفال منقبة بهذه العظمة أو يحرفونها عن منحاها الحقيقي بتبريرات شاعرية ، مخافة أن يستند إليها الشيعة ويثبتوا حقانية مذهبهم؟!
وننهي كلامنا هذا بالحديث الذي روي عن أبي ذر الغفاري في كتاب «مطالب السؤال» ، فهو يقول : قال النبي صلىاللهعليهوآله : «علي منّي وأنا من علي ولا يؤدّي إلّاأنا أو علي» (٢).
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ١٠ ، ص ٤٧.
(٢) مطالب السؤال ، ص ١٨ (على ضوء نقل الغدير ، ج ٦ ، ص ٣٤٨).