لموسى ، وكان دعاؤه أن يجعل له وزيراً من أهله يشاركه في أمره ، ويشدَّ به أزره ، كما هو هارون لموسى عليهالسلام تماماً.
وكما جرت الإشارة فإنّ من المسلَّم به ليس المراد من الشركة الاشتراك في أمر النبوة ، إذ لا نبي بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي كان خاتم النبيين ، ومعلوم أيضاً ليس المراد المشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد ، وتبليغ الرسالة فحسب ، لأنّها تكليف المسلمين جميعاً ، فيجب على الجميع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى الجميع كل حسب وسعه نشر الإسلام وهداية الآخرين.
على هذه الأساس ، فالمراد مقام خاص غير النبوّة والتكليف العام بالأمر بالمعروف ، وهل يمكن أن تكون هذه القضية سوى القيادة والوزارة من قبل الباري عزوجل؟ والنتيجة المباشرة لهذا الأمر هي أنّه عليهالسلام سيكون خليفة النبي صلىاللهعليهوآله.
وبعبارة اخرى ، ثمّة تكاليف لا تمثل واجب جميع الناس ، وهي صيانة الرسالة الإلهيّة من كل تحريف وانحراف ، وكذلك توضيح ما ليس يدركه الناس في مضمون الدين ، وقيادة الامّة أثناء غياب النبي صلىاللهعليهوآله وبعد رحيله ، والمساعدة المؤثرة في تحقيق أهدافه ، حيث تختصر جميعها في كلمة وزير (١).
وهذا ما سأله النبيّ صلىاللهعليهوآله من الله بحق علي عليهالسلام ، واستجاب الله دعاءه.
وهنا يتضح الرد على وساوس بعض المفسرين الذين لايطيقون الاذعان لمثل هذه المناقب بحق علي عليهالسلام.
فهم يحاولون تفسير «الشركة في أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله» بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٢) ، والحال أنّنا نعلم أنّها واجب المسلمين جميعاً ، ولا تحتاج إلى تعيين وزير من قبل الله تعالى.
* * *
__________________
(١) «الوزير» من مادة «وزر» ، حيث إنّ الوزير يتحمل ثقل المسؤوليات المختلفة على عاتقه ، فقد اطلقت هذه الكلمة عليه.
(٢) تفسير روح المعاني ، ج ١٦ ، ص ١٨٥.