وروى هذا المعنى عن «انس بن مالك» أيضاً (١).
واللطيف أنّ المفسر المعروف «الآلوسي» بعد أن ينقل الرواية الآنفة في تفسير «روح المعاني» عن «ابن عباس» و «انس بن مالك» ، وكذا عن طريق الطبرسي عن «سلمان الفارسي» و «سعيد بن جبير» و «سفيان الثوري» يضيف قائلاً : «والذي اراه أنّ هذا إن صح ليس من التفسير في شيء بل هو تأويل كتأويل المتصوفة لكثير من الآيات ، وكل من علي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما عندي أعظم من البحر المحيط علماً وفضلاً وكذا كل من الحسنين رضي الله تعالى عنهما أبهى وأبهج من اللؤلؤ والمرجان بمراتب جاوزت حد الحسبان» (٢).
إنّ اعترافه الصادق بمنزلة هؤلاء العظماء امر حسن في ذاته ، على شرط أن لا يكون غرضه سلب قيمة هذه الروايات!
ولعل الآلوسي تناسى أنّ هذا الحديث روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، بطرق عديدة ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله له كامل الصلاحية في تأويل الآيات ، وأنّ مقارنته بتأويلات الصوفيين الموضوعة والمنحرفة التي تفتقد للسند مقارنة مجحفة لا تتناسب وشأن العالِم.
على أيّة حال ، فهذه الآية من الآيات التي تدلل على الفضل العظيم والمقام الرفيع لعلي وزوجته وولديهما الحسن والحسين عليهمالسلام ، لأنّها شبهت علياً وفاطمة عليهاالسلام ببحرين عظيمين ، البحر الذي يكشف عن عظمة الباري جلّ وعلا ، والذي يعتبر مصدراً للبركات ، ومنطلقاً للعلوم والمعارف الزاخرة ، ومظهراً بارزاً لفضائل الأخلاق كالجود والسخاء والطهارة والعصمة ، وتشبه ولديهما باللؤلؤ النفيس الذي لانظير له ، الذي ينمو في أعماق البحر ، ثمّ يبرز إلى الخارج ، تكامل فيه الحسن والجمال ، ظاهرياً وباطنياً ، والعلم والتقوى والفضيلة والطهارة والعصمة.
فأي شخص تشاهد فيه كل هذه المناقب؟ ومن أكثر جدارة بخلافة النبيّ صلىاللهعليهوآله غير علي وأولاده عليهمالسلام ، وكم مروا من هذه المناقب مرور الكرام!
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) تفسير روح المعاني ، ج ٣٧ ، ص ٩٣ (ذيل آيات البحث).