الثاني : المنذر هو النبي صلىاللهعليهوآله والهادي هو الله تعالى.
الثالث : المنذر هو النبي صلىاللهعليهوآله والهادي هو علي عليهالسلام ، إذ يقول ابن عباس : إنّ النبي قد وضع يده على صدره وقال : «أنا المنذر ثم أومأ إلى منكب علي عليهالسلام وقال : أنت الهادي ياعلي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي» (١).
وقد نقلت مجموعة اخرى من المفسرين هذه التفاسير الثلاثة ، فيما أصرَّ بعض مفسري أهل السُنّة على أنّ تفسير الآية أحد التفسيرين الاولين ، لأنّ التفسير الثالث لا يتناسب ونمط تفكيرهم المليء بالتعصب.
بينما لا يتناسب التفسير الأول مع ظاهر الآية ، فلو كان مقرراً أن يكون الوصفان لرسول الله صلىاللهعليهوآله لقال : إنّما أنت منذرٌ وهادٍ لكل قوم ، وبتعبير آخر لاينبغي تقديم «لكل قوم» وهو جار ومجرور على «هادٍ» ، وإذا ما تقدم فيجب أن يتقدم على الوصفين فيقال : إنّما أنت لكل قوم منذرٌ وهاد ، وخلاصة القول : إنّه لا يبدو هنالك مبرر لتقديم لكل قوم على وصف وتأخيره عن الآخر ، أو لابدّ من تقديمه عليها أو تأخيره عنها (تأملوا جيداً).
والتفسير الثاني غير مألوف ولا مناسب ، لأنّ كون الله هادياً فلا شك فيه حتى يحتاج إلى بيان ، أضف إلى أنّ ظاهر العبارة هو أنّ لكل عصر وزمان هادٍ خاص. والحال أنّ الله واحدٌ أحد ، فهذه الوحدانية لا تنسجم والتعددية التي تستفاد من عبارة لكل قوم هادٍ.
بناءً على ذلك فالتفسير الوحيد الذي يحظى بالقبول هو : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله منذرٌ ولكل قوم في كل عصر ودهرٍ «هادٍ».
فهل هذا الهادي إشارة إلى علماء كل قوم وكل زمان؟
الاجابة عن هذا السؤال سلبية أيضاً ، فهنالك علماء عديدون في كل عصر ودهر وليس هادٍ واحد ، فكما كان النبي صلىاللهعليهوآله واحداً فهادي المسلمين واحدٌ في كل عصر وزمان.
وبتعبير آخر ، أنَّ النبي صلىاللهعليهوآله مؤسس الدين عن طريق الانذار ، والإمام يواصل طريقه من خلال الهداية.
إنَّ هذه النكات تستفاد من الآية نفسها ، ولو بحثنا عن الروايات المنقولة عن طريق أهل
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ١٩ ، ص ١٤.