ثم يقول : وهي عين الصفة التي اشير إليها في الآية الآنفة ، والدليل الآخر أنّ الآية التالية لها هي آية : (انَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) إذ نزلت بحق علي عليهالسلام لذا من الأجدر القول أنّ الآية السابقة هي الاخرى نزلت بحقه أيضاً (نهاية كلام الفخر الرازي) (١).
إنّ استدلال الفخر الرازي بكلام الرسول صلىاللهعليهوآله يوم فتح خيبر إشارة إلى حديث معروف نقل في الكثير من الكتب المشهورة على أنّه قيل بحق علي عليهالسلام ، ويعد من أعظم فضائله عليهالسلام ، سيما وأنّه طبقاً لهذا الحديث ، وبعد أن فشل نفر من قادة جيش الإسلام في فتح خيبر ، فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآله وقف في ليل ذلك اليوم وسط الجيش وخاطبهم قائلاً : «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كراراً غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده!».
ثم قال : اين علي؟ قالوا : إنّه مريض ، وعينه تؤلمه (ولا يقوى على الحرب) فقال : عليّ به ، فجاء علي ونفخ الرسول صلىاللهعليهوآله في عينه (أو مسح من ريق فمه على عينه) فبرأت عينه المباركة ، فأعطاه الراية ، وفي اليوم التالي فتح خيبر في هجوم خاطف (فتحقق هذا التنبوء العجيب للرسول صلىاللهعليهوآله بشأنه).
وقد أورد هذا الحديث ـ إضافة للفخر الرازي ـ كثير من المحدثين والمؤرخين (باختلاف بسيط في التعابير) في كتبهم ، ومنهم الحاكم النيسابوري في كتاب مستدرك الصحيحين : وقد أشار إليه في ثلاثة مواضع : أولاً نقل في حديث عن «ابن عباس» أنّ جماعة تحدثوا عنده بألفاظ غير مناسبة بشأن علي عليهالسلام فانزعج بشدّة وقال : «اف وتف ، وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليس لأحد غيره وقعوا في رجل قال له النبي صلىاللهعليهوآله لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» (٢).
وينقل في حديث آخر عن «عامربن سعدبن أبي وقاص» أنّ معاوية قال لأبي «سعد» ذات يوم : ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟ فقال : لا أسبه ماذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنّ تكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم ، قال معاوية : وما هن؟ قال : «حين أنزل
__________________
(١) التفسير الكبير ، ج ١٢ ، ص ٢٠.
(٢) المستدرك ، ج ٣ ، ص ١٣٢.