للحسنة هنا ، مفهوم واسع بأنّها تشمل جميع الحسنات ، وتبشّر مَن يأتي بحسنة ، فله خيرٌ منها ، وأحد آثارها المهمّة الأمان من خوفِ وفزعِ يوم المحشر وهو أعظم الفزع.
ولكن ورد في بعض الروايات «إنّ محبّة أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله تعتبر واحدة من أهم وأبرز مصاديق الحسنة في هذه الآية ، وتبيّن أنّ هذه المحبّة تعد من أفضل وسائل الأمان في يوم المعاد».
ونقلت عدّة روايات في «شواهد التنزيل» في نهاية هذه الآية بهذا المعنى ، أنّ المراد من «الحسنة» في الآية أعلاه محبّة أهل البيت عليهمالسلام.
ومنها أنّه يُنقل عن «أبي عبد الله الجدلي» عن عليٍّ عليهالسلام أنّه قال له : «ألا أُخبرك بقول الله تعالى : (مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ـ إلى قوله ـ تعملون)؟ قال : بلى جُعلت فداك. قال : «الحسنة حبّنا أهل البيت والسيئة بغضنا» ، ثم قرأ الآية» (١).
ونقل نفس هذا المعنى في الحديثين ٥٨٢ ، و ٥٨٧ مع هذا الفارق أنّه جاء في نهاية الحديث الثالث : «ألا اخبركَ بالسيئةِ التي مَن جاء بها أَكبَّهُ اللهُ على وجهِهِ في نارِ جهنَّمَ ، بُغْضَنا أهلَ البيتِ»! ثم تلا أمير المؤمنين عليهالسلام الآية الثانية وقال : (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وَجُوهُهُمْ فِى النَّارِ) (٢). (النمل / ٩٠)
ويُنقل في حديث آخر عن «أبو امامة الباهلي» (٣) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «إِنَ الله خلق الأنبياء من شجرٍ شتّى وخلقني وعلياً من شجرةٍ واحدة فانا أصلها وعليٌّ فرعها ، والحسنُ والحسينُ ثمارها ، واشياعنا اوراقُها ، فمَن تعلقَ بغُصْنٍ من أغصانها نجا ، ومَنْ زاغَ هوى ، وَلَوا أنّ عابداً عَبَد اللهَ الفَ عامٍ ، ثم الف عامٍ ، ثم ألف عام ثم لم يدرك محبَّتَنااكَبَّهُ اللهُ على مِنْخرَيْهِ في النار!» (٤).
__________________
(١) شواهد التنزيل ، ج ١ ، ص ٥٤٨ ، ح ٥٨١.
(٢) المصدر السابق ، ص ٥٥٢ ، ح ٥٨٧.
(٣) أبو امامة الباهلي كان من أصحاب الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، وذكروا أنّ وفاته كانت سنة ٨١ ، وهو آخر مَن توفي في الشام (اسد الغابة ، في مادة صَدَيَهْ) ، ولكن في كتاب الكنى والالقاب ذكروا أنّ وفاته كانت سنة ٨٦ واسمه صُدَي على وزن رُجَيل ، وكان من جملة الذين جعل عليهم معاوية العيون لئلا يذهب إلى عليٍّ عليهالسلام.
(٤) شواهد التنزيل ، ج ١ ص ٥٥٣ ، ح ٥٨٨.