وهذه الملاحظة جديرة بالاهتمام أيضاً إذ تقول الآية : ولقد كتبنا هذا الوعد في كتب الأنبياء السابقين أيضاً ، وهذه إشارة إلى أنّ هذا الوعد ليس وعداً جديداً ، بل إنّه امرٌ متجذر ورد في المذاهب الاخرى أيضاً.
والمراد بـ «الزبور» على الأقوى نفس «زبور داود» ، وهو عبارة عن مجموعة من المناجاة ، والأدعية ، ونصائح داود النبي المذكورة في كتب العهد القديم (الكتب الملحقة بالتوراة) باسم «مزامير داود».
واللطيف أنّه ـ بالرغم من كل التحريفات التي طالت كتب العهد القديم بمرور الزمان ـ فإنّ هذه البشارة الكبيرة يمكن ملاحظتها بشكل واضح في نفس هذا الكتاب أي «مزامير داود».
ونقرأ في المزمور / ٣٧ الجملة / ٩ : (... لأن الأشرار سينقطعون ، وأمّا المتوكلون على الرب فسيكونون ورثة الأرض ، وحالاً يختفي الأشرار ، وكلما بحثت عنهم فسوف لن تجد لهم أثراً).
وجاء في الجملة / ١١ : (أما المتواضعون فقد ورثوا الأرض ، وهم يتلذذون من وفور النعمة).
وورد المعنى نفسه أيضاً في الجملة / ٢٧ من نفس المزمور بالعبارة التالية : (لأنّ مباركي الرب سيرثون الأرض ، اما ملعونوه فسوف يتقطعون).
وجاء في الجملة / ٢٩ : (فالصديقون ورثوا الأرض ، وسيسكنونها أبداً).
ومن الواضح أن التعابير السابقة من قبل «الصديقون» ، «المتوكلون» «المتبركون» و «المتواضعون» إشارة لعبارة «عبادي الصالحون» التي وردت في القرآن الكريم.
والمراد من «الذكر» في الآية الآنفة ، الذكر حسب اعتقاد الكثير من مفسّري التوراة ، وتشهد على ذلك الآية : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفُرقَانَ وَضِياءً وَذِكرى لِلّمُتَّقِينَ). (الأنبياء / ٤٨)
واحتمل البعض الآخر أنّ المراد من «الذكر» ، «القرآن» ، وجميع كتب الأنبياء السابقين