٣ ـ تحدّث النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بهذا الحديث في «الجحفة» وهي أحد مواقيت الحج بين مكة والمدينة ، كما ذكر ذلك ابن الأثير في «اسد الغابة» في أحوال «عبد الله بن حنطب» ، وذُكر سابقاً في العدد ٨ من سلسلة الأحاديث.
٤ ـ أثناء مرضه الذي انتهى بوفاته ، وعندما كان يدلي بآخر وصاياه ، أوصى صلىاللهعليهوآله بالثقلين وقال : «أيّها الناس يوشك أن اقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي وقد قدّمت إليكم القول معذرةً إليكم إلّاأنّي مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي عليهالسلام فرفعها ، فقال : هذا عليٌ مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسئلوهما ما خلَّفت فيهما» (١).
وهناك دقائق وظرائف لا تخفى على أهل الحقيقة.
٥ ـ قال صلىاللهعليهوآله في «مسجد الخيف» اثناء «حجة الوداع» : «ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين ، قالوا : يارسول الله وما الثقلان؟ قال : كتاب الله الثقل الأكبر ، طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به لن تضلوا ولن تزلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فانّه قد نبأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كاصبعيّ هاتين» (٢).
٦ ـ أثناء عودته صلىاللهعليهوآله من الطائف «بعد فتح مكة» حيث وقف النبي وذكر هذا الحديث وهذه النقاط المهمّة (٣).
إنّ هذا التكرار والتأكيد وفي أماكن مختلفة ، في المدينة وفي أيّام الحج ، في يوم عرفة ، وفي مسجد الخيف «أيّام منى» وفي وسط الطريق بين مكة والمدينة ، وموارد اخرى دليلٌ واضح وبرهانٌ قويٌ وناطق على أنّ التمسك بهذين الأمرين المهمين يعتبر قضية مصيرية ومهمة بحيث كان النبي صلىاللهعليهوآله يريد توعية المسلمين على أهميّتهما لئلا يضلوا ، والعجب العجاب إذا ما تخلينا عنهما بعد كل هذا التكرار والتأكيد ، وألقينا بأنفسنا في الضلالة ، أو قللنا من شأنهم من خلال التبريرات الخاطئة.
__________________
(١) الصواعق المحرقة ، ص ٧٥.
(٢) تفسير علي بن إبراهيم وفقاً لنقل بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ص ١٢٩ ، ح ٦١.
(٣) صواعق ابن حجر ، الفصل الأول ، الباب ١١ آخر ص ٨٩.