لقد دمر هذا الفيضان الشامل وغطى الماء كل شيءً ولم يبق مأوى يلتجيء الإنسان إليه سوى سفينة نوح التي ضمن الله تعالى لمن ركبها النجاة من الغرق ، بحيث عندما قال ابن نوح بغرور : (سَآوِى الَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ المَاءِ) فليس هناك فيضان يصل إلى قمم الجبال ، جُوبه برد أبيه الحازم والرادع حيث قال له : (لَاعَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ الَّا مَنْ رَّحِمَ)! إشارة إلى المؤمنين الذين ركبوا في السفينة ، وظهر صدق كلام نوح مباشرة إذ : (وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوجُ فَكَانَ مِنَ المُغرَقينَ). (هود / ٤٣)
إنّ تشبيه أهل البيت بمثل هذه السفينة وفي تلك الظروف ، زاخرٌ بالمعاني التي تعلَّمنا منها الكثير من الحقائق ، ومن بينها :
١ ـ إنّ العواصف ستعصف بالامة الإسلامية بعد النبي صلىاللهعليهوآله وتجرف الكثير معها ويغرق في أمواجها الكثير أيضاً.
٢ ـ هنالك طريق واحد فقط للخلاص من مخالب الأخطار التي تهدد الدين والإيمان وارواح الناس ، ألا وهي سفينة أهل البيت عليهمالسلام التي يُعتبر التخلف عنها أو تركها سبباً للهلاك.
٣ ـ إنّ الانفصال عن واسطة النقل في الصحراء قد لا يؤدّي إلى الموت دائماً ، إلّاأنّه يُعرِّض الإنسان إلى العناء ، بَيدَ أنّ التخلف عن سفينة النجاة في بحرٍ متلاطم لا ينتج عنه سوى الموت والهلاك.
٤ ـ لقد كان شرط الركوب في سفينة نوح عليهالسلام الإيمان والعمل الصالح ، من هنا فقد عرض نوح على ابنه الإيمان ، والانفصال عن الكافرين ، والركوب معه ومع أصحابه في السفينة : (يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَّعَنَا وَلَا تَكُنْ مَّعَ الكَافِرينَ). (هود / ٤٢)
بناء على ذلك فشرط نجاة هذه الامه من العواصف والانحرافات هو الإيمان واليقين بمقام سفينة النجاة هذه.
٥ ـ ليست محبتهم فقط التي تؤدّي إلى النجاة ، حيث طرح بعض علماء الإسلام ذلك بادّعائهم أنّ جميع المسلمين يحبون أهل البيت عليهمالسلام ويعظمونهم ، من هنا فهم جميعاً من الناجين. بل إنّ الكلام الذي جاء في الرواية هو عن اتباعهم (مقابل التخلف عنهم) ، فإنَّ ابن